الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي يلمّح إلى مسار أكثر توازنًا للسياسة النقدية وسط تضخم غير مستقر

تواصل السياسة النقدية الأمريكية الحفاظ على طابعها التقييدي المعتدل، في ظل استمرار الضغوط التضخمية وتزايد حالة عدم اليقين بشأن آفاق النمو. ورغم إبقاء الاحتياطي الفيدرالي على أسعار الفائدة دون تغيير مؤخرًا، إلا أن تصريحات عدد من أعضائه كشفت عن توجه أكثر مرونة في المدى المتوسط، مع التأكيد على أهمية مراقبة تطورات السوق بعناية.

 أبرز تصريحات صناع السياسة النقدية في الولايات المتحدة الأمريكية

في هذا الإطار، صرّح أوستن غولسبي، رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في شيكاغو، أن البنك قد يتجه إلى خفض أسعار الفائدة خلال فترة تتراوح بين 12 إلى 18 شهرًا، وذلك في حال تحقق تقدم ملموس في السيطرة على التضخم. وأكد غولسبي على أهمية الثبات في نهج السياسة النقدية، مشيرًا إلى أن الأسواق تسعى إلى مؤشرات فورية، إلا أن "الرؤية بعيدة المدى" تظل الأساس في توجيه قرارات الفيدرالي. وفي معرض حديثه عن الرسوم الجمركية التي فرضتها إدارة ترامب، شدد على ضرورة تقييم مدى استمرارها والردود الانتقامية المحتملة قبل اتخاذ أي إجراء نقدي.

من جانبه، أشار كريستوفر والر، عضو مجلس محافظي الاحتياطي الفيدرالي، إلى دعمه للإبقاء على النطاق الحالي للفائدة خلال الاجتماع الأخير للجنة السوق المفتوحة، لكنه أكد في الوقت ذاته على ضرورة استمرار خفض حيازات البنك من الأوراق المالية. وحذّر من أن النظام المصرفي لا يزال يحتفظ بمستويات مرتفعة من السيولة تتجاوز 3 تريليونات دولار، مؤكدًا أن تباطؤ وتيرة استرداد الأصول منذ يونيو 2024 لا يبرر حتى الآن وقف عملية التخفيض، داعيًا إلى الاستعداد لاستخدام أدوات السياسة النقدية سريعًا في حال ظهور ضغوط على احتياطيات السوق قصيرة الأجل.

أما جون ويليامز، رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك، فقد وصف موقف السياسة النقدية الحالي بأنه "مقيد بشكل معتدل" ومناسب في ظل استمرار التضخم فوق المستهدف البالغ 2%، إلى جانب صلابة سوق العمل. وأشار إلى أن الاقتصاد الأمريكي بدأ العام الجديد من موقع قوي، لكنه حذّر من أن إشارات البيانات الاقتصادية لا تزال متباينة، في وقت ارتفعت فيه توقعات التضخم على المدى القصير. كما توقع تباطؤ وتيرة النمو مقارنة بالعام الماضي، مؤكدًا على أهمية اعتماد نهج شامل في تحليل البيانات واتخاذ القرارات خلال المرحلة المقبلة.