الذهب بين خطة تحفيز الصين وإضراب العمال في موانئ شرق الولايات المتحدة
Amir Issa
٣ أكتوبر، ٢٠٢٤ 0 175

شهدت تداولات الذهب تباينًا خلال الأسبوع الجاري، في الوقت الذي ارتفع فيه مؤشر الدولار الأمريكي، مدعومًا بتراجع احتمالات خفض الفائدة بشكل قوي من قِبل الاحتياطي الفيدرالي. في الوقت الحالي، تراجعت احتمالات خفض الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس بعد تصريحات رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، الذي أشار في بداية الأسبوع إلى أن الفيدرالي ليس في عجلة من أمره لخفض معدلات الفائدة، ما قلل من احتمالات اتخاذ قرارات حادة في المستقبل القريب.

رغم التذبذب الحالي في الأسعار، لا تزال التوقعات بشأن الذهب إيجابية، خاصة مع عودة احتمالات خفض الفائدة بشكل أكبر خلال اجتماع الفيدرالي في نوفمبر المقبل. هذه التوقعات تعززت بعد انتشار أخبار عن الإضراب الواسع في جميع الموانئ الرئيسية على السواحل الشرقية الأمريكية، وهو الإضراب الأول من نوعه منذ حوالي 50 عامًا.

يهدد هذا الإضراب، الذي يشمل 36 ميناءً رئيسيًا تمتلك قدرة على التعامل مع حوالي نصف إجمالي التجارة الأمريكية، بتعطيل حركة الشحن بشكل كبير. يُذكر أن مطالب رابطة عمال الموانئ الدولية تتركز حول زيادة الأجور وإلغاء البنود المتعلقة بالأتمتة. وفي هذا الصدد، صرح الرئيس الأمريكي جو بايدن بأنه لن يستخدم سلطته لإجبار العمال على العودة إلى العمل أثناء استمرار المحادثات، مما يزيد من حالة عدم اليقين بشأن تداعيات هذا الإضراب على الاقتصاد الأمريكي.

في حال استمرار هذه الإضرابات لفترة أطول أو تصاعدها، قد يجد صناع السياسة النقدية في الولايات المتحدة أنفسهم مضطرين لخفض الفائدة بشكل أكبر لتحفيز الاقتصاد، وهو ما يتناقض مع تصريحات رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول التي أدلى بها في بداية الأسبوع، والتي أشار فيها إلى عدم التعجل في خفض معدلات الفائدة.

على الجانب الآخر، أشارت تقارير حديثة إلى احتمالية قيام الصين ببيع كميات كبيرة من الذهب الذي قامت بتراكمه خلال الأشهر السابقة، وذلك لدعم خطط التحفيز الاقتصادي التي تسعى إلى إنعاش الاقتصاد المحلي. هذا التوجه قد يضعف من التوقعات الإيجابية لأسعار الذهب، حيث إن زيادة المعروض قد يؤدي إلى ضغط هبوطي على الأسعار.

بيانات سوق العمل وتأثيرها على توقعات سعر الفائدة الأمريكية

كشفت البيانات الصادرة هذا الأسبوع عن أداء قوي لسوق العمل الأمريكي، حيث سجلت رواتب القطاع الخاص ارتفاعًا يفوق التوقعات خلال شهر سبتمبر، وفقًا للبيانات الصادرة من مؤسسة التوظيف الوطني (ADP) يوم الأربعاء. أظهرت البيانات زيادة عدد الوظائف بمقدار 143 ألف وظيفة مقارنة بـ 99 ألف وظيفة في أغسطس، متجاوزة التوقعات التي كانت تشير إلى إضافة 124 ألف وظيفة فقط. هذا الأداء الإيجابي يعزز من إشارات قوة سوق العمل الأمريكي، ما قد ينعكس على توقعات السياسة النقدية للفيدرالي الأمريكي.

تتوجه الأنظار إلى البيانات الرسمية للرواتب غير الزراعية يوم غدٍ الجمعة، والتي تعد المؤشر الرئيسي لمتابعة صحة سوق العمل الأمريكي، ولها تأثير مباشر على قرارات الاحتياطي الفيدرالي.

الذهب بين تأثير بيانات الفائدة والتوترات الجيوسياسية

رغم المؤشرات الإيجابية لبيانات سوق العمل، لم يسجل الذهب ارتفاعًا كبيرًا خلال هذا الأسبوع، حيث إن التوترات الجيوسياسية التي تواصلت لم تدعم الطلب على الذهب بالقدر المتوقع. ففي آخر التطورات، قصفت إسرائيل العاصمة اللبنانية صباح اليوم، في حين تواصلت الاشتباكات على الجبهة اللبنانية مع حزب الله. تصاعدت الأزمة يوم الثلاثاء الماضي بعد إطلاق إيران موجات من الصواريخ على إسرائيل، ما دفع إسرائيل للرد وتوعدها بإجراءات إضافية.

ورغم أن التوترات قد تصل إلى مستويات قد تدفع الذهب لتحقيق ارتفاعات جديدة، إلا أن السوق يبدو أنه قد قام بتسعير هذه المخاطر الجيوسياسية مسبقًا. وبالرغم من الضربات الإيرانية، لم يتم تسجيل تحركات قوية في سعر الذهب، مما يشير إلى أن التوترات الحالية لم تؤثر بشكل كافٍ على الطلب عليه.

في حال توسع نطاق الصراع أو حدوث تطورات جديدة في المنطقة، من المتوقع أن يسجل الذهب المزيد من المستويات القياسية، حيث سيزداد الطلب على الأصول الآمنة. ولكن في الوقت الحالي، يبدو أن تأثير العوامل الاقتصادية المحلية وتوقعات الفائدة الفيدرالية هو المسيطر على توجهات سوق الذهب بشكل أكبر من التوترات الجيوسياسية